روسيا بعد سوريا أوكرانيا – الجزء الرابع
سبتة : مصطفى منيغ
السبب الأول يتمثَّل في تصرُّف ناقَضَ ما حددَّه خبراء الحرب الحديثة إن
نشبت بين دولة كُبرى كروسيا وأخري في حجم أوكرانيا ، أن تتَّسم بسرعة تعجِّل
بتوقفها ، إذ جاءت الوقائع عكس ذلك تماما ، مع التأكيد أنَّ استمرارية القتال
تتواصل لأجل غير محدَّد زمنياً ، وإن ارتبط بهدف تحقيق ما تريد روسيا الحصول عليه
، وبخاصة في المجالين السياسي والاقتصادي ، وبالتالي التوسُّع في النفوذ كمطلب
أساسي تقوم على قواعده معادلة السيطرة العالمية المُتَوَقعة مُستقبلاً لبعض
الدول ، بالقوّة الحاصلة عليها في ميادين معيَّنة منها الانتصار في الحروب
والتمكُّن من مستوى الثراء المُكتسب يتخطَّى الاعتماد على موارد النفط والغاز ،
إلى قدرات طبيعية متجدِّدة أخرى مُعزَّزة بناتج تكنولوجي مبتكر لا يتوقَّف .
السبب الثاني عائد للاستعداد الطويل المدى المُلزم لجسامة ما تُقْبِل عليه
روسيا من عمليةٍ لا تقتصر على ضَمِّ بعض أجزاء من التراب الأوكراني إلى جغرافيتها
السياسية ، وإنما لمواجهة عالم تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لحدٍ يحُدّ من
طموحات روسيةٍ وهي تتمدَّد صوب الشرق الأوسط العربي إضافة لإفريقيا وقبلها أوربا ،
عملية بهذه الضخامة لا يمكن الارتماء وسط مخاطرها إن لم يسبقها تفكير عميق في
سلبياتها قبل الايجابيات ، ومقاربة التقدير في النجاح أو الفشل ، بآليات انجازٍ لا
تترك كبيرة أو صغيرة للصدفة ، وملاحقة الدقة في التنفيذ بكل مرحلة على حدة مهما
اختلفت ظروف كل منها حسب أهمية التقدم نحو الأمام بكفاءة أداء تشمل العنصر البشري
وأدوات القتال المناسبة لكل بقعة مكانية أو فترة زمنية في تنسيق واقعي منطقي أخذ
حقه الكامل في التدريب لإتقان التدبير.
السبب الثالث يرجع لما صاحب تخطيط روسيا لإجراء تجديد جذري على هيكل مظهرها
الخارجي لتكون محطة انبهار دولي تستحق به مكانة الند للند مع المتقدم لمنصب قيادة
العالم بعد تراجع الولايات المتحدة الأمريكية بسبب أخطاء جسيمة ارتكبتها في مناطق
متعددة ابسطها ترك إسرائيل تعربد كما تشاء وكأنها فوق الحق ، لكل القيم النبيلة
والأخلاق الإنسانية الرفيعة تسحق ، تذبح تدمِّر تفجر تسرق ، لأزيد من سبعة عقود
وهي لأمن وسلامة الفلسطينيين تحرق ، برئيس لحكومة أشد فتكاً بالأطفال والنساء من
الأسبق ، وجرائم لا تحصى تساوى الصهاينة في ارتكابها ولا احد في البيت الأبيض
بإنصاف الفلسطينيين نطق .
السبب الرابع معاقبة أوربا بالقدر الكافي عملاً بردٍّ يتخطى المُتوَقَع من
طرف المتحكِّمين في السياسة العامة المجتمعين باستمرار في بروكسيل عسى التوصُّل
لتخطيط قد يرغم الكرملين التخلِّي عن استمرارية حرب دمَّرت لحد الآن أطراف واسعة
من التراب الأوكراني ، دون إعارة انتباه أن البطء الروسي في الزحف الميداني يكلّف ذاك الاتحاد الملايين من الدولارات تتبخر
يومياً مثل تبخُّر الأسلحة الخفيفة كالثقيلة الموجهة للجيش الأوكراني كي يصمد أكثر
وأزيد لتعطيل أي تقدم تحققه روسيا ، علما أن المؤشرات تؤكد تسرّب الملل من تخصيص
المزيد من الدعم المالي الأوربي العديم الفائدة مهما سجل من أرقام مصرفية خرافية ،
مما ينقلب لمثابة عقوبة تمتصها أوربا بمختلف دولها يؤثر قطعاً على مصيرها
الاقتصادي المُتَّجه نحو أزمات مستقبلية تحدُّ من مستوى رَغَدِ عيشها كظاهرة تعيد
بعض بلدانها لأجواء أزمة ما بعد الحرب العالمية الثانية . (يتبع)
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق